اخوتي الأحبة : الكبر والعجب يسلبان من المرء أعظم الفضائل ، ويكسبانه الرذائل ، ذلك لإن المتكبر لايمكن أن يسمع لنصح ناصح ولا يقبل التأديب والتوجيه لما وقر في نفسه من الكبر والتعالي ، فالمتكبر يرفع نفسه عن رتبة المتعلمين
والمعجب بنفسه يبقى في محله ولا يزداد من الخير حتى وإن كان من أمور الدنيا لأنه يظن أنه قد بلغ المنزلة وأنه أحسن من غيره فيقعد به ذلك عن التقدم والسير إلى الأفضل
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله / الاعجاب ضد الصواب ، وآفة الألباب
ولعل الكبر والعجب متلازمان ، فالمتكبر معجب بنفسه ، ولنسوغ بعض الأمثلة من الواقع الذي قد وقع فيه الكثير من ابتلي بهذا البلاء أعاذنا الله من ذلك
إن من أعظم ما يسوق المرء إلى الكبر علو اليد ، ونفوذ الأمر ، فغما أن يكون متكبراً بماله وإما أن يكون متكبرا بما عنده من سلطان وجاه ، وكلاهما مذموم وقبيح فإن الكبر من صفات الله تعالى حيث ذكر عن نفسه ذلك في كتابه فمن نازع الله في صفته عذبه بنار جهنم
وقد ورد في الأثر أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم وذلك من هوانهم على الله
وانظر أخي الحبيب إلى تواضع النبي وذلك حينما أُتي برجل عند النبي فأصابت الرجل رعدة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (وذلك من تواضعه عليه السلام ) هون عليك فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد أي / اللحم المجفف وهو طعام الفقراء
وقد قال ذلك صلى الله عليه وسلم حسماً لمواد الكبر ، وقطعاً لذرائع الاعجاب
ومن أسباب مايحصل لبعض البشر من الكبر كثرة المديح من المقربين له ولذلك نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه سمع رجلاً يزكّي رجلاً فقال له : قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح بعدها
الله اكبر ايها الأخوة إنها لكلمة عظيمة قالها أعظم الخلق ، ولم يقل ذلك إلا أنه يعلم عاقبة ذلك فلننتبه له
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله إياكم والتمادح ، فإنه الذبح ، إن كان أحدكم مادحاً أخاه لا محالة ، فليقل أحسبه ولا أزكي على الله أحداً
وقد كان بعض السلف إذا مدحهم مادح قالوا : اللهم اغفر لي ما لايعلمون واجعلني خيراً مما يقولون
وإن من مساوئ العجب أن الانسان لا يتقدم لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة وهي الأهم
فتجد الانسان يصلي في الليل ويصوم الاثنين والخميس وأيام البيض وغيرها ويتصدق ويعمل الخير ، وينظر إلى غيره بعين الاحتقار ويرى نفسه أعلى منهم فهذا قد أعجب بعمله ويخاف عليه رد عمله
وقد يكون الانسان غارقاً في الذنوب والمعاصي ومع هذا يعلم أنه ذليل بين يدي الله وأنه مذنب ، فهذا خير من ذلك الذي أعجب بعمله وظن أن الناس لا يبلغون مبلغه ، فليحذر المرء فلا يحقر من المعروف شيئا ولا يحقر أحداً رآه على غير ماهو عليه فلربما كان عند الله أفضل منك وذلك بتواضعه لله وذلته بين يديه واعترافه بذنبه وبتقصيره
فالعجب بالعمل داء خطير قلّ من يسلم منه سلّمنا الله وإياكم منه
هذه إخوتي الأعزاء إشارات ابتغيت أن ألفت انتباهكم إليها ، ويمكنكم الاستزادة من كتب العلماء السابقين واللاحقين ، جنبنا الله وإياكم مواطن الشبه
وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسل